مواضيع جديدة في الثقافة العامة
--------------------------------------------------------------------------------
العولمة
العولمة و العولمة الاقتصادية
مقدمة:
شهد الربع الأخير منالقرن العشرين وبشكل أكثر تحديد عقد التسعينات العديد من التغيرات العالمية السريعةوالمتلاحقة والعميقة في آثارها وتوجهاتها المستقبلية، فالاقتصاد العالمي تحول إلىقرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
المبحث الأول: مفهومالعولمة، أسبابها ومظاهرها
المطلبالأول:
التعريف بالعولمة
كثرت التعريفاتبالعولمة ولم تتفق الآراء على تعريف واحد شامل وجامع لها نظرًا لتشعب المحتوىالفكري للمفهوم وامتداده من ناحية كمجالات التطبيق إلى العديد من الجوانبالاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ومن ناحية المستويات فإن هذا المفهوم وبالأخص فيالجهة الاقتصادية أخد ينتشر إلى كافة المستويات الإنتاجية والمالية التسويقيةوالإدارية، وأهم التعاريف ما يلي:
1-يشير مصطلح العولمةإلى عملية تعميق مبدأ الاعتماد المتبادل بين الفاعلين في الاقتصاد العالمي بحيثتزداد نسبة المشاركة في التبادل الدولي والعلاقات الاقتصادية الدولية لهؤلاء من حيثالمستوى والوزن والحجم في مجالات متعددة وأهمها السلع والخدمات وعناصر الإنتاج بحيثتنمو عملة التبادل التجاري الدولي لتشكل نسبة هامة من النشاط الاقتصادي الكلي وتكون |أشكالا جديدة للعلاقات الاقتصادية في الاقتصاد العالمي.
ولعل من الواضح أن هذا التعريف للعولمة يركز على أنها عملية متعلقةعلى تعميق الاعتماد المتبادل وتحويل الاقتصاد العالمي إلى وق واحدة تزداد فيها نسبةالمشاركة في التجارة العالمية على أساس إعادة النظر في مبدأ التخصص وتقسيم العملالدولي، والوصول إلى نمط جديد للتخصص وتقسيم العمل الدولي.
2. التعريف اللغوي
:يرى أستاذ الفلسفة محمد عابد الجابري أنالعولمة في معناها اللغوي تعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله، وهيتعني الآن في المجال السياسي منظرًا إلية من زاوية الجغرافية "جيوبوليتيك"، العملعلى تعميم نمط حضاري يخص بلد بعينه هو الو. م. أ على بلدان العالمأجمع.
3. العولمة ظاهرة مرتبطة بفتح الاقتصادياتوبتوسيع الأسواق ودخول عدد متزايد من الدول وسكانها والبلدان الاشتراكية سابقًا مععدد متزايد من البلدان النامية القطاعات والشركات في السوق العالمية كما أن هذهالظاهرة مرتبطة بمتطلبات التطور التكنولوجي وزيادة المنافسة ودخول متعاملين جددفيها.
4. وهناك تعريفات تركز على العولمة باعتبارهامرحلة تاريخية وعلى ذلك فالعولمة هي المرحلة التي تعقب الحرب الباردة من الناحيةالتاريخية والتحول للآليات السوق.
5. يعرفهاالأستاذمحمد عابد الجابريعلى أنها نوع أو نسق ذو أبعاد تتجاوز دائرةالاقتصاد فهي شاملة للمجال المالي والتسويقي والمبادلات والاتصال و... السياسةوالأخلاق والفكر الإيديولوجي والعسكري.
7. العولمة إنتاج عملية تاريخية لتطور نمطالإنتاج الرأسمالي، تطور قواه المنتجة التي تبرز مظاهرها في الثورة العلميةوالتكنولوجية واستخدامها لتطور علاقات إنتاجه وبالتالي فهذه التحولات تمس البنىالفوقية الإيديولوجية السياسية والفكرية والثقافية .
والعولمة ليست فقط مجموعة من العالقات المترابطة الناتجة عن فتحالاقتصادية بل أنها إيديولوجية حقيقية للتغيير الاجتماعي السياسي الثقافيوالفكري.
8. العولمة نمط معين من الحياة أداتهاالأساسية الشركات المتعددة الجنسيات الممارسة بكفاءة لبلورة نموذج مثالي للتحرير منمختلف صور الاستعباد..
وهكذا يلاحظ تعدد التعريفات المطروحةللعولمة ونحن مع الرأي الذي يرى أن كل هذه التعريفات جميعًا هي في مجموعها تكادتكون المكونات الأساسية لتعريف واحد جامع للعولمة فهي تجمع بين جنباتها كونها تمثلحقبة تاريخية وهي تجليات لظواهر اقتصادية وهي أخيرًا"ثورة تكنولوجية واجتماعية"
المطلب الثاني: العوامل والأسبابالتي أدت إلى العولمة
تعتبر العولمة نتاجلعوامل كثيرة أدت إلى ظهورها عند منتصف الثمانيات ومن هذه العوامل ما هو إقتصادي وما هو سياسي و ثقافي ويؤثر ويتأثر كل عامل من العوامل السابقة، بالعواملالأخرى ولكن ستقتصر على أهم العوامل الإقتصادية فقط، دون إنكار لأهمية العواملالأخرى قي تأثيرها على العولمة.
1-انخفاض القيودعلى التجارة العالمية:
بدأت القيود بعد الحربالعالمية الثانية تخفض من وطأة الحماية، وأصبحت هذه العوامل تعتمد على الضرائبالمركبة، في تنظيم التجارة، وفي ضل رعاية الجات (GATT) وتم تحقيق تقدم في تحرير التجارة الدولية في بعض المجالات وقد ترتب على المفاوضاتالمتعددة الأطراف التي تمت في إطار الجات، تخفيض في الضرائب الجمركية على السلعالصناعية في الدول المتقدمة من 40% عام 1940م، إلى أقلمن 10% في المتوسط بعد جولة طوكيو عام 1989م، حيث بلغت 6% للإتحاد الأوروبي و 4.4 % لليابان 4.9 بالمائة للولايات المتحدة الأمريكية.
2- التطور الصناعي في الدول النامية وزيادة تكاملها مع السوقالعالمية:
يعد ما حققته الدول النامية من نموفي الفترة السابقة، والحالية كأحد أهم الأسباب للعولمة، فقد إرتفع نصيب دول شرقآسيا في الفترة من 1965 – 1988 من الناتج العالمي المحلي الإجمالي للعالم من 5بالمائة إلى 20 بالمائة من الناتج الصناعي العالمي، من 10 بالمائة إلى 23 بالمائة،وزاد نصيب القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية منخفضةالدخل، واستمرت الزيادة في السكان في الدول النامية بمعدل 2 بالمائةسنويا.
3- تكامل أسواق المالالدولية:
تعتبر الحركة الدولية لرأس المالمظهرًا أساسيا من مظاهر التكامل المالي الدولي، كما أن صورة هذه الحركة ودرجاتهاترتبط ارتباطا وثيقا بفرض كفاءة الأسواق المالية الدولية، حيث تعد هذه الأسواق هيالقناة التي تتدفق خلال الأدوات المالية المختلفة عبر مختلف دول العالم، وتأتي هذهالتدفقات بين الدول، أو خلال الأسواق المالية استجابة للاختلاف في معدلات الفائدةعلى الأدوات والأوعية المختلفة وفيما بين الأسواق المختلفة بالأسواق المختلفةبالإضافة إلى الاختلافات في درجة وأشكال الرقابة المفروضة على تحركات رأسالمال.
4- زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاصوالاستثمار الأجنبي المباشر:
يوضح تقرير أفاقالإقتصاد العالمي 1997م، الصادر عن صندوق النقد الدولي ومؤشرات زيادة أهميةالتدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر فابتدءا من منتصف الثمانيناتبدأت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنحاء العالم فيالزيادة.
5- التقدم التكنولوجي وانخفاض تكاليفالنقل والاتصالات:
ذكرDOSIأن التغيرات التكنولوجية أحد محركات العولمة، وكذلك أكد على أهميةهذا العامل ودور التقدم التكنولوجي في المواصلات والاتصالات على تسارع عملياتالعولمة، كما أوضحLipseyأن التكنولوجياالحديثة ترتب عليها انتقال في النظم عبر الإقتصادياتالعالمية.
المطلب الثالث: مظاهرالعولمة
يتفق أغلبية الباحثين والمتتبعينلتطوير هذه الظاهرة، إن عددًا من المظاهر المتداخلة والمترابطة والمتفاعلة فيمابينها تتميز أساسًا:
1-الثورة العلميةالتكنولوجية:
إن تكنولوجيا المعلومات هي أحدثتمفرزات التطور التكنولوجي وقد أدي تطور تكنولوجيا النقل والاتصال لإلغاء حواجزالوقت المسافة بين مختلف البلدان، كما تنامى نقل السلع جوًا وبسرعة بين أسواقمتجاورة، كدول الإتحاد الأوربي مثلاً، وحتى بين الدول العربية وأسواق دول مجاورة،كما تطورت وبسرعة وسائل الإتصال الإلكترونية لنقل الصوت والبيانات متضمنة البريدالإلكتروني، والفاكس والانترنيت، وشبكات الإتصال التليفونية العالمية السريعة، وهوما أتاح لمصانع ومنظمات خدمية أن تخدم أسواقًا أوسع وأكثر، وسمح لشركات أن تركز بعضعملياتها في منطقة معينة مع تقديم منتجاتها عبر فروع تختار مواقعها قرب عملائها،وكانت شبكة الأنترنيت من أهم ما أفرزته ثورة تكنولوجيا المعلومات. وقد أصبحت مجالاتاستخدام هذه الشبكة عديدة.
فعلى المسوقين وضعتشكيلة منتجاتهم وأسمائها وصورها وأسعارها، ومنافذ توزيعها والتسهيلات والمقترنةببيعها لجذب العملاء.
وتضع البنوك خدماتها المصرفيةوبرامجها الإفتراضية وتضع بورصات الأوراق المالية المتداولة وأسعارها، وغير ذلك منالاستخدامات وبالتالي فإن ثورة التكنولوجية وتطور وسائل الإعلام عبر القاراتبالأقمار الصناعية والحاسبات الآلية جعل العالم كله سوق واحدة تقريبًا (قريةصغيرة).
2-التكتلاتالإقليمية:
منذ أواخر الخمسينيات بدأت بوادرالتكتل الإقليمي بظهور السوق الأوروبية المشتركة في عام 1959م، ثم تكتل شرق آسيا "ASEAN" في عام 1967م، ثم منتدى التعاون الآسيويالباكستاني "APEC" في عام 1989م، فالسوق الأمريكيةالشاملة "NAFTA" في عام 1994م، ثم سوق "ميركوسور" الأمريكية الجنوبية في عام 1995م، وأخذت هذه التكتلات الدولية شكل أسواق مشتركةتنزع مها جميع قيود التجارة وتسود الحرية في انتقال السلع ورؤوس الأموالالعالمية.
3- الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة GATT:
في أبريل عام 1994م، أعلن قيام النظام التجاري العالمي الجديد حيثبدأ تنفيذ الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة "الجات" اعتبارا من بداية 1995م، وتقضي الاتفاقية بتحرير تدريجي زمنيا ونوعيا للتجارة العالمية في السلعوالخدمات والملكية الفكرية، وقد أدى إبرام هذه الاتفاقية وما تضمنته من خفض تدرجيللتعريفة الجمركية وحصص الاستيراد إلى الإسهام في عولمة التجارة والاستثمارات وجعلهاأيسر على نطاق أسواق الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية
4-التحالفات الإستراتيجية لشركات عملاقة:
لم يعد تحليل وتفسير الفرص وما توجهه مختلف الشركات يتطلب فقطمنظورًا محليًا أو إقليميا. بل أصبح المنظور العالمي ضرورة أساسية. إن ضرورة التصديلتهديدات المنافسة العالمية لا تعني السعي الحثيث لاختراق أسواق أجنبية، وقد أصبحتكوين إستراتيجيات تحالفية أحد أهم سبل ذلك.
وقدتحولت شركات كبيرة أنهكها التنافس من إستراتيجيات التنافس إلى إستراتيجيات التحالف،والهدف المرجوا هو تقليل تكلفة التنافس وتكلفة البحوث والتطوير ونقل التكنولوجيابشكل منفرد، وتعزيز القدرات التنافسية للمتحالفين.
ومن أمثلة التحالفات تحالف "توشيانا" مع "موتور ولا" في صناعةوتسويق وسائل الإتصال الإلكترونية، و"سيمتر" مع "فيليبس" في صناعة شرائط الفيديو،وفي صناعة السيارات تحالف كل من "فورد" مع "مازدا" و "جنزال موتوز" مع "تويوتا".
5-الشركاتالعالمية:
مع تزايد الاتجاه نحو إدارة اللاحدود جغرافية "Borderless management " تنامي ظهوروتأثير الشركات العالمية، بعد أن كان توسع الشركات يأخذ صورة تعدد ونشر الفروع فيالسوق المحلية، تطور الأمر لتعدد ونشر الفروع الخارجية عالميا لا سيما مع الدعمالفائق الذي هيأته شبكات المعلومات العالمية والتجارة الإلكترونية، وتزايد حضوروتأثير وسطوة الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات على المساحةالعالمية.
وهي شركات يقع المركز الرئيسي لها فيدولة المقر، وتدير عملياتها في أسواق متعددة عبر العالم بهدف الاستحواذ على فرصسوقية متزايدة.
ومن أمثلة ذلك إدارة شركة "جنرالموتورز" لفرعها بالإسكندرية وشركة "نستلة" أكبر شركة عالمية في صناعة الأغذية التيتبيع منتجات في أوروبا.
وأدى تنامي عمليات الشركات المتعددةالجنسيات والعابرة للقارات كأداة رئيسية للعولمة، لسعيها اختيار مواقع لمصانع ونقاطآخرين أو توزع لها في أسواق خارجية.
6-معايير الجودة:
في عام 1987م،وضعت المنظمة الدولية للمواصفات القياسية (ISO) ومقرهاجنيف مواصفات قياسية عالمية اتفقت داخل المجموعة الأوروبية بشكل خاص والدولالصناعية الكبرى بشكل عام، لتوحيدها لكافة المنتجات ماعدامنتجات الكهرباءوالمنتجات الغذائية.وهذه مواصفات إدارة الجودة المعروفة بالإيزو 9000 أحدالمؤشراتعلى عولمة أنشطة الأعمال لا سيما بعد أنأصبحت هذه الشهادة وبسرعة هدفا لشركاتعديدة حول العالمتسعى لأن تزاول أنشطتها في أوروبا أو تكتسب سمعة وشهرة متبنيةلمدخل عالمي للجودة الشاملة.وقد سارتعدوى سعي الشركات للحصول على هذه الشهادة عالميا كسلاحتنافسي، كما يتزايد عدد العملاء الذين يشترطون حصول المنظمات التييتعاملون معهاعلى هذه الشهادة وعالم اليوم والغد يسعىلأن لا تقبل أسواقه إلا منتجات (سلعوخدمات) تقدمهامنظمات تتوافق نظمها مع متطلبات نظام الجودة العالمية (ISO 9000) كأحدالمعايير الرئيسية للتبادلالتجاري العالمي.
7- زيادة حركة التجارة والاستثماراتالعالمية:
ويمكن تلخيص ذلك فيمايلي:
* تزايد حجمالصادرات عبر العالم: حيث أصبحت تمثل 35 بالمائةمنالناتج الإجمالي العالمي بعد أن كانت تمثل 12 بالمائة فقط عام 2691م.
-* تزايد حركة الاستثمارات العالميةالخارجية: فمثلا قاماليابانيون بشراء العديد منالمصانع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وذلكلزرع ماعندهم في البلدان التي تضم أسواقهم.
* انفتاح النظم المالية العالمية: فخلال الثمانيناتوالتسعينيات من القرن العشرين ألغتكثير من دول أوروبا الغربية والولايات المتحدةالأمريكية سقوف أسعار الفائدة وسمح هذا لكثير من البنوك، أن تجدبمستثمرين أجانبأكثر، قدمت لهم أسعار فائدة أعلى. وفينفس الوقت خففت القيود على إنشاء فروع لبنوكأجنبية،وهكذا أصبحت النظم المالية العالمية أكثر إنفتاحًا.
المبحث الثاني: خصائص العولمة
لعل التأمل في المحتوى الفكري بل والتاريخي للعولمة يكشفالنقابعن عدد من الخصائص الرئيسية التي تميز العولمةعن غيرها من المفاهيم الأخرى ذاتالتحولات الجذريةولعل أهم هذه الخصائص ما يلي:
1.سيادة آلياتالسوق والسعي لاكتساب القدرات التنافسية:
حيث يلاحظ أن أهم ما يميز العولمة هي سيادة آليات السوقواقترانهابالديمقراطية، بدلا من الشمولية واتخاذالقرارات في إطار من التنافسية والأمثليةوالجودةالشاملة واكتساب القدرات التنافسية من خلال الاستفادة من الثورةالتكنولوجية وثورة الإتصالات والمواصلات والمعلومات، وتعميق تلكالقدرات المتمثلةفي الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة وبأحسنجودة ممكنة وبأعلى إنتاجية والبيع بأسعارتنافسية علىأن يتم كل ذلك في أقل وقت ممكن، حيث أصبح الزمن أحد القرارات التنافسيةالهامة التي يجب اكتسابها عند التعامل في ظلالعولمة.
ديناميكية مفهومالعولمة:
وتتعمق ديناميكية العولمة إذاما تأملنا أن العولمة تسعي إلىإلغاء الحدود السياسيةوالتأثير بقوة على دور الدولة في النشاط الاقتصادي، بل أنديناميكية العولمة يمكن أن نراها أيضا فيما ستسفر عنه النتائج حولقضايا النزاعوردود الأفعال المضادة من قبل المستفيدمن الأوضاع الاقتصادية الحالية حفاظا علىمكاسبها،واتجاه ردود الأفعال الصادرة عن الخاسرين من تلك الأوضاع وخاصة من الدولالنامية في حالة تكتلها للدفاع عن مصالحها ويكشف عن ذلك فيالقريب العاجل للاجتماعالثالث لمنظمة التجارةالعالمية في 12/99.
2.تزايد الاتجاه نحوالاعتماد الإقتصادي المتبادل:
ويعمقهذا الاتجاه نحو الاعتماد المتبادل Interdependence ماأسفر عنه عقد التسعينيات من اتفاقاتتحرير التجارة العالمية وتزايد حرية انتقالرؤوسالأموال مع وجود الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، حيث يتم في ظل العولمةإسقاط حاجز المسافات بين الدول القارات مع ما يغير ذلك منتزايد احتمالات إمكانياتالتأثير والتأثر المتبادلينوإيجاد نوع جديد من تقسيم العمل الدولي والذي يتمبمقتضاه توزيع العملية الإنتاجية وبخاصة الصناعية بأكثر من دولة،بحيث يتم تصنيعمكونات أي منتوج نهائي في أكثر من مكانواحد.
ينطوي مفهوم الاعتماد المتبادل على معنىتعاظم التشابك بينالأطراف المتاجرة، ويؤدي هذاالتشابك إلى خلق علاقة في اتجاهين بين كل بلد وآخر أوبين مجوعة وأخرى من البلد، فإن كانت التبعية الإقتصادية تنطوي علىتأثير أحدالأطراف على الآخر وبالتالي يكون أحداهماتابعا والأخر متبوعا فإن الاعتمادالاقتصادي المتبادليعني وجود تأثير من كل من الطرفين على الآخر يكون كلاهما تابعاوالآخر متبوعا في نفس الوقت.
وجود أنماط جديدة في تقسيم العمل الدولي:
حيث تقسم العولمة بوجود أنماط جديدة من تقسيم العملالدولي، وقدظهر ذلك واضحا في طبيعة المنتج الصناعيحيث لم يعد في امكان دولة واحدة مهما كانتقدرتهاالذاتية أن تنقل هذا المنتوج بمفردها، وإنما أصبح من الشائع اليوم أن نجد العديد من المنتجات الصناعية مثل السيارات والأجهزةالكهربائية، والحاسبات الآلية،وغيرها تتم بتجميعمكونات في أكثر من دولة، بحيث تقوم كل منها بالتخصص في صنعأحد المكونات فقط، ويرجع ذلك إلى تعاظم دور الشركات المتعددةالجنسيات في ضلالعولمة بالإضافة إلى حدوث الثورةالتكنولوجية والمعلوماتية والاتصالات.
ومن هنا ظهرتأنماط جديدة لتقسيم العمل لم تكن معروف ومن أهمهاظهورتقسيم العمل بين البلدان المختلفة في نفس السلعة وأصبح من المألوف بل منالغالب بالنسبة لعدد كبير من السلع الاستهلاكية المعمرةوالآلات أن تظهر نفس السلعةفي قائمة الصادراتوالواردات لنفس البلد.
3.تعاظم دور الشركاتمتعددة الجنسيات:
تعتبر الشركاتالمتعددة الجنسيات أحد السمات الأساسية للعولمة فهيتؤثر بقوة على الإقتصاد العالمي من خلال ما يصاحب نشاطها في شكلاستثمارات مباشرةمن نقل التكنولوجيا والخبراتالتسويقية والإدارية وتأكيد ظاهرة العولمة.
ويضافإلى ذلك أن تلك الشركات العملاقة ذات الإمكانيات التمويليةالهائلة تلعب دور العائد في الثورة التكنولوجية التي نقلت الفنالإنتاجي إلى أنيصبح فن إنتاجي كثيف المعرفة وبالتاليفهي من هذا المنظور تعمق الاتجاه نحو العولمةالإقتصادية.
4.تزايد دورالمؤسسات الإقتصادية العالمية في إدارة العولمة:
لعل من الخصائص الهامة للعولمة تزايد دور المؤسساتالإقتصاديةالعالمية في إدارة تعميق العولمة، وخاصةبعد انهيار المعسكر الاشتراكي إلى تفكيكالإتحادالسوفياتي سابقًا وتلاشي المؤسسات الإقتصادية لهذا المعسكر، وإنشاء منظمةالتجارة العالمية (WTO) ، في أوليناير عام 1995م، وانضمام معظم دولالعالم إليها، ومنثم اكتمال الضلع الثالث من مؤسسات النظام الإقتصادي العالمي التيتمثل العولمة أهم سماته بل هي الوليد الشرعي له، وبالتالي أصبحتهناك ثلاثة مؤسساتتقوم على إدارة العولمة من خلالمجموعة من السياسات النقدية والمالية والتجاريةالمؤثرة في السياسات الإقتصادية لمعظم دول العالم وهذه المؤسساتهي:
* صندوق النقدالدولي والمسؤول عن إدارة النظام النقدي للعولمة.
* البنك الدولي وتوابعه، والمسؤول عنإدارة النظام المالي للعولمة.
* منظمة التجارة العالمية، والمسؤولة عن إدارة النظام التجاريللعولمة.
ولعل قيام العولمة على تلك المؤسساتتعتبر من أهم دعائمها، حيثأصبح على الأقل هناك نظاممتكامل للعولمة تعمــــل من خلاله.
المبحث الثالث: أدوات العولمةوأثارها
المطلب الأول: أدواتالعولمة
1.الشركات متعددةالجنسيات:
تعتبر الشركات المتعددةالجنسيات هي الأداة الأساسية للعولمة، وهيشركات غربيةأغلبها أمريكية، وهذه الشركات تتكون من عدد من الفروع تتوزع عبر أنحاءالمعمورة، والشركة الواحدة تنتج منتجات متنوعة تبدأ من أقل شيءيحتاجه الإنسان إلىأكبر شيء تحتاجه الدول، وتتسم هذهالشركات بعدم تمركز الإنتاج في مكان واحدوبالتالي فهيتسوق إنتاجها إلى جميع أنحاء العالم، فتجدها تستخرج المادة الخام مندولة معينة وتحوله إلى مادة وسيطة في بلد آخر ثم تنتجه على شكل مادةنهائية في بلدثالث، ولهذه الشركات رؤوس أموال ضخمةتعتمد عليها لتقوم بهذه العمليات، وتستطيع هذهالشركاتتحريك رؤوس أموالها في أنحاء العالم بحرية بفضل قوانين حرية التجارةالعالمية، وبما أن هذه الشركات تسعى للربح أولا وأخيرًا، فإنها تضعكلخطوط إنتاجهاومصانعها في الدول النامية الفقيرةحيث توجد سوق العمل الرخيصة، بينما الدولالمتقدمةالتي أسست فيها هذه الشركات تعاني من نسبة بطالة مرتفعة وتستطيع هذهالشركات أن تسحب استثماراتها من بلد نام إلى آخر، فيفقد بذلك آلافالعمال وظائفهمفيغرق ذلك البلد في البطالةوالفقر.
وهذه الشركات تقوم اليوم بعمليات اندماجضخمة تتأسس على إثرهاشركات أكبر وأكبر وتسيطر علىالأسواق والبشر فماذا يمنعها فكل شيء معبد أمامها.
2.الثورة المعلوماتية:
جاءت الثورة المعلوماتية كتطور نتج عن الثورة الصناعية التيكانتقبلها، وقد سادت هذه الثروة متمثلة في "الأنترنيت" في إعطاء حركة العولمة دفعة قويةساهمت فيانتشارها، وذلك بسبب سرعة الإتصالات وسهولتها وسرعة الحصول على المعلومةوتوفرها، فمثلا يستطيع من في الشرق أن يتكلم مع من في الغربمباشرة، وأن يراه في نفسالوقت، لينطبق القول القائلبأن العالم أضحى قرية كونية صغيرة.
فقد نجد فيالأنترنت ألاف الدوريات والمجلات والكتب والمواقعالثقافية والتعليمية والمواقع التابعة للمؤسسات والشركات والمنظماتالحكوميةوالأفراد في تجمع أقل ما يقال عنه أنه رهيبعجيب، إلا أن خبراء الأنترنت يقولون أنتكنولوجياالأنترنت لا تزال في طور الطفولة، وأنها لم تحقق أكثر من 05 بالمائةتقريبا من الإمكانيات الكامنة فيها.
ملاحظة:تعتبر بعض المنتجاتوالمؤسسات الأمريكية رموزاللعولمة مثل ببسي،كوكاكولا، وسلسلة مطاعم ماكدونالد وكنتاكي … إلخ.
3.المؤسسات والمنظماتالإقتصادية العالمية:
وهو ما يتجلىفيما تطلع به بعض المنظمات الدولية البنك الدوليللإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارةالعالمية wto التي أنشئت عام 1995، كما سبق وذكرنا والتي يمكن اعتبارها القوة الضاربة للعولمةالإقتصادية فقدأصبح هذا الثالوث بمثابة آلية التحكموالتوجيه للاقتصاد العالمي ولعل ما يدل علىذلك ماأعلم عنه مدير منظمة التجارة العالمية حين صرح قائلاً: إننا نكتب دستورإقتصاد عالمي واحد.
المطلب الثاني: أثار العولمة
.أثار العولمة الناتجة عن اتفاقية جولة أورجواي لتحريرالتجارة:
إن تنفيذ اتفاقية جولة أورجواي سوفينتج عليه زيادة في التجارةوالاستثمار والدخلوالرفاهية للدول النامية، وذلك لزيادة إمكانيات دخولها أسواقالعالم المتقدم بالإضافة إلى تعزيز الكفاءة بسبب إلتزام تلك الدولبتحرير تجارتهاالخارجية، ولكن ستتفاوت المكاسب التيتحصل عليه كل دولة من الدول النامية.
كذلك تحصلالدول النامية على مكاسب مثل تحسين القواعد التي تحكمالاستثمار والتجارة من خلال الإصلاح والمؤسساتي في الدولالنامية.
بالإضافة إلى زيادة المنافسة العالميةالتي سوف تعترض الدولالنامية سواء داخل أسواقها أو فيالأسواق الخارجية.
.أثار العولمةالمالية:
ظهرت العولمة المالية نتيجةتحرير الأسواق المالية في كل الدول،فقد قامت الدولالنامية بإلغاء القيود على التدفقات المالية عبر الحدود وأصبحتالدول النامية أكثر تكاملا مع النظام المالي العالمي، وقد دعم هذاالتوجه العالميفي إطار اتفاقية جولة أورجواي لتحريرالتجارة في الخدمات المالية والمصرفية.
ويمكن أنيترتب على تدفقات رؤوس الأموال الواحدة التخفيف من مشكلةالتمويل الخارجي للدولة ولكن حجم التدفقات يمكن أن يؤثر بشكل سلبيعلى الاستقرارالكلي.
*.أثر الاستثمار الأجنبيعلى العولمة
حقق الاستثمار الأجنبي المباشر معدل نمو بلغ ضعف معدل نموالناتجالمحلي العالمي، بينما تجاوز في الثمانيناتأربعة أضعاف معدل نمو الناتج المحليالإجمالي، وأستمرنمو الاستثمار الأجنبي المباشر في أوائل التسعينيات، وبلغالاستثمار عام 1996م، حوالي 350 مليار دولار بزيادة قدرها 10بالمائة عام 1995م.
كما أنه هناك عوامل أخري مهمة تعمل على جذب الاستثمارالأجنبيالمباشر وتشمل هذه العوامل:
*الاستقرار السياسي والأسواق المحلية وأسواق التصدير.
*النظام التشريعي والبنية الانكماشية ورأس المال البشريوالنظام المالي والمصرفيوكفاءة وحجم القطاع الخاصوتوافر الأمان الشخصي.
كما أن انخفاض تكلفة العمللم تعد كفيلة لجذب الاستثمار الأجنبيالمباشر،فالمستثمر يهتم بصفة أساسية بالإنتاجية، ويتوجه حيث يتمتعالإنتاج بالجودةوالمعايير والسعرالعالمي
.*وتعتبر الشركات المتعددة الجنسيات محركالعولمة والتي تسهم في تدفق الاستثمارالمباشر، كماتعتبر مصدرًا لنقل المعرفة الفنية، والإدارية والتنظيمية وذلك من خلالالتدريب وتوفير العمالة المتخصصة.
.أثر العولمة على الجهاز المصرفي:
للعولمة تأثير على الجهاز المصرفي، في أي دولة من دولالعالم،ونشير منذ البداية أن الآثار الإقتصاديةللعولمة على الجهاز المصرفي قد تكونإيجابية وقد تكونسلبية وتصبح المهمة الملقاة على عاتق القائمين على إدارة الجهازالمصرفي هو تعظيم الإيجابيات وتقليل الآثار السلبية، ويمكن توضيحأهم الآثار فيمايلي:
* إعادة هيكلة صناعة الخدماتالمصرفية:حيث توسعت مساحة ونطاق أعمالها المصرفيةوأصبحت تقوم البنوك بخدمات مالية ومصرفية لم تقم بها من قبل.
*التحول إلى البنوك الشاملة: وهي تلك الكيانات التي تسعى دائما إلى تنويع مصادرالتمويل والتوظيف وتعبئة أكبر قدر ممكن من المدخرات في كافةالقطاعات.
*الاندماجالمصرفي: لعل من أهم الآثار الإقتصادية للعولمة ما يحدث حاليا من موجةإندماجات مصرفية، بين البنوك الكبيرة والصغيرة نفسها، وذلك بدافعالنمو والتوسعوزيادة الربحية ودافع زيادة القدرة علىالمنافسة العالمية.
*خصخصة البنوك: وهي مرتبطة بشكل عام بظاهرة الخصخصة العالمية، وتتلخصأهم دوافعخصخصة البنوك في التحديات التي تواجه العملالمصرفي.
المبحث الرابع: البلدان الناميةومواجهة تحديات العولمة
ترتب عن العولمةالإقتصادية زيادة الاعتماد الاقتصاد المتبادل بيندولالعالم، ولذلك فإن الدول النامية وخاصة الدول الأقل نموا تواجهها ظروف بالغةالصعوبة ومن بينها انخفاض رصيد رأس المال البشري وعدم توافرالبنية الأساسية وعدمالاستقرار السياسي بالإضافة، إلىارتفاع مستويات الدين الخارجي الأمر الذي ترتبعليهعدم قدرة استفادة هذه الدول من العولمة، ومن هذه العوامل أيضا ضعف جانبالعرضواعتماد هذه الدول على سلعة أو سلعتين فيالتصدير بالإضافة إلى التقلبات التي تلخصبأسعارصادرات الدول.
كما أن هذه الدول تعاني من صعوبة جذبالاستثمار الأجنبي المباشرةنتيجة عدم استقرار البيئةالاقتصادية الكلية وعدم توافر رأس المال البشري، والعمالةالفنية، بالإضافة إلى عدم توافر البنية الأساسية، بل أن الدولالإفريقية الواقعةجنوب الصحراء قد تدهورت أوضاعها حتىقاربت مستوى اليأس، وقد تحتاج إلى حولي 30 إلى 40 سنة حتى تسترجع مستويات المعيشةالتي كانت عليها منذ بداية الاستقلال، ومن تمفإنه إذاأرادت الدول النامية مواجهة تحديات العولمة، فمن الضروري أن تحقق الدولالاستقرار في السياسات الاقتصادية الكلية الأمر الذي يعززالثقة التي تشجعالاستثمار المحلي وتدفق رأس المالالأجنبي إلى الداخل.
ولمواجهة تحديات العولمة يجبأن تقوم هذه الدول بزيادة درجاتالتعاون والتنسيق فيمابينها فيمكن أن تقوم مثلا الدول المتنافسة على جذب الاستثمارالأجنبي بالتنسيق فيما بينها في هذا المجال.
وكذلك في مواجهة التكتلات الاقتصادية الأخرى كما يمكن مواجهةهذهالتحديات من خلال إقامة نوع من أنواع التكتلالاقتصادي فيما بين الدول الناميةكوسيلة لتنسيقالسياسات فيما بينها ولجذب المزيد من الاستثمارات نظرًا لأهميةالأسواق الكبيرة في جذب الاستثمارات بجانب العواملالأخرى.
الخاتمة:
وخلاصة القول بعد أن انتهينا من استعراض أبرز المظاهرالاقتصاديةللعولمة هو القوى الداعية للعولمة والداعيةلها إنما تستهدف إزالة الحدود الإقليميةوالقيمالوطنية التي تفرضها الدول لكي تجعل من العالم كله ساحة للعب ذلك فضلا عنانفرادها وحدها بتقرير قواعد اللعبة، وفقا لما تتمتع به هي منقدرات ومهاراتبالأسلوب الذي تجيده، بحيث تؤمن لنفسهاالفوز على منافسيها، الذين فرض عليهم أنيلعبوا فيلعبة لن يربحوا فيها، ووفقا لقواعد تتحيز لفريق على حساب فريق آخر.
وهو ما بنبأ منذ البداية بأن المباراة ستكون غير متكافئةوبطبيعةالحال فإن نتيجة مثل هذا المباراة تكون محسومةمسبقًا.