منتدى تبسة الجديد
اهلا بك على منتدى تبسة الذي يشمل جميع مجلات الكمبيوتر
نحن ندعوك للتسجيل
شكراااا لكم عل الزيارة الرائعة
منتدى تبسة الجديد
اهلا بك على منتدى تبسة الذي يشمل جميع مجلات الكمبيوتر
نحن ندعوك للتسجيل
شكراااا لكم عل الزيارة الرائعة
منتدى تبسة الجديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى تبسة الجديد


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتبسة
montada tebessa
أنت غير مسجل يا زائر فى منتدى تبسة الجديد . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
الـدردشــة|منتدى تبسة

 

 قصص الغزواة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dhaw
عضو ماسي
عضو ماسي
dhaw


ذكر الأبراج الصينية : النمر
عدد المساهمات : 558
نقاط : 9041653
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 03/12/2013
العمر : 25
الموقع : تبسة
قصص الغزواة 66


قصص الغزواة 13632629025

قصص الغزواة 1%20(18)

قصص الغزواة Picture
قصص الغزواة Wesam%20a3m

قصص الغزواة Empty
مُساهمةموضوع: قصص الغزواة   قصص الغزواة Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 9:48 pm


--------------------------------------------------------------------------------

القصة 113


قصص الغزوات


معركة نهاوند

عن السائب بن الأقرع قال : زحف للمسلمين زحف لم يُرَ مثله قط ، رجف له أهل ماه و أصبهان و همذان و الري وقومس ونهاوند و أذريبجان ، قال : فبلغ ذلك عمر فشاور المسلمين .

فقال علي رضي الله عنه : أنت أفضلنا رأياً و أعلمنا بأهلك . فقال : لأستعملن على الناس رجلاً يكون لأول أسنّة يلقاها ،-أي أول من يتلقى الرماح بصدره ،كناية عن شجاعته- ياسائب اذهب بكتابي هذا إلى النعمان بن مُقرِّن ، فليسر بثلثي أهل الكوفة ، وليبعث إلى أهل البصرة ، و أنت على ما أصابوا من غنيمة ، فإن قُتل النعمان فحذيفة الأمير ، فإن قُتل حذيفة فجرير بن عبد الله ، فإن قُتل ذلك الجيش فلا أراك .


لما انتصر المسلمون في القادسية على الفرس كاتب يزدجرد أهل الباب والسند وحلوان ليجتمعوا فيوجهوا ضربة حاسمة للمسلمين ، فتكاتبوا واجتمعوا في نهاوند .

وأرسل سعد بن أبي وقاص إلى عمر : ( بلغ الفرس خمسين ومائة ألف مقاتل ، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ازدادوا جرأة وقوة ، وإن نحن عاجلناهم كان لنا ذلك ).

وأرسل عمر إلى سعد محمد بن مسلمة ليخبره أن يستعد الناس لملاقاة الفرس ، فغادر سعد الكوفة إلى المدينة ليخبر عمر بخطورة الموقف شفاهة ، فجمع عمر المسلمين في المدينة ، وخطب فيهم وشرح لهم خطورة الوضع ، واستشارهم ، وأشاروا عليه أن يقيم هو بالمدينة ، وأن يكتب إلى أهل الكوفة فليخرج ثلثاهم لمساعدة الجيش الإسلامي وأهل البصرة بمن عندهم . ثم قال عمر : أشيروا عليّ برجل يكون أوليه ذلك الثغر غداً، فقالوا : أنت أفضل رأياً وأحسن مقدرة ، فقال : أما والله لأولين أمرهم رجلاً ليكونن أول الأسنة – أي : أول من يقابل الرماح بوجهه – إذا لقيها غداً ، فقيل : من يا أمير المؤمنين ؟ فقال : النعمان بن مقرن المزني ، فقالوا : هو لها .

ودخل عمر المسجد ورأى النعمان يصلي ،فلما قضى صلاته بادره عمر : لقد انتدبتك لعمل ، فقال : إن يكن جباية للضرائب فلا ، وإن يكن جهاداً في سبيل الله فنعم . وانطلق النعمان عام (21) للهجرة يقود الجيش ، وبرفقته بعض الصحابة الكرام .

وطرح الفرس حسك الحديد – مثل الشوك يكون من الحديد – حول مدينة نهاوند ، فبعث النعمان عيوناً فساروا لايعلمون بالحسك ، فزجر بعضهم فرسه فدخلت في يده حسكة ، فلم يبرح الفرس مكانه ، فنزل صاحبه ونظر في يده فإذا في حافره حسكة ، فعاد وأخبر النعمان بالخبر ، فاستشار جيشه فقال : ماترون؟ فقالوا : انتقل من منزلك هذا حتى يروا أنك هارب منهم ، فيخرجوا في طلبك ، فانتقل النعمان من منزله ذلك ، وكنست الأعاجم الحسك فخرجوا في طلبه ، فرجع النعمان ومن معه عليهم ، وقد عبأ الكتائب ونظم جيشه وعدده ثلاثون ألفاً ، وجعل علىمقدمة الجيش نعيم بن مقرن ، وعلى المجنبتين : حذيفة بن اليمان وسويد بن مقرن ، وعلى المجردة القعقاع بن عمرو ، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود ، ونظم الفرس قواتهم تحت إمرة (الفيرزان) ، وعلى مجنبتتيه (الزردق) و(بهمن جاذويه) الذي ترك مكانه ل( ذي الحاجب ) .

أنشب النعمان القتال يوم الأربعاء ، ودام على شكل مناوشات حادة إلى يوم الخميس ، والحرب سجال بين الفريقين ، وكان الفرس خلالها في خنادق .

وخشي المسلمون أن يطول الأمر فاستشار النعمان أصحابه ، فتكلم قوم فردت آراؤهم ، ثم تكلم طليحة فقال :أرى أن تبعث خيلاً مؤدبة ، فيحدقوا بهم ، ثم يرموا لينشبوا القتال ، ويحمشوهم – أي يغضبوهم – ، فإذا أحمشوهم واختلطوا بهم وأرادوا الخروج أرزوا – أي انضموا- إلينا استطراداً – أي خديعة - .. وأقر الجميع هذا الرأي فأمر النعمان القعقاع أن ينشب القتال فأنشبه ، فخرج الفرس من خنادقهم ، فلما خرجوا نكص القعقاع بجنده ، ثم نكص ثم نكص ، وخرج الفرس جميعاً فلم يبق أحد إلا حرس الأبواب ،حتى انضم القعقاع إلى الناس ، والنعمان والمسلمون علىتعبيتهم في يوم جمعة في صدر النهار ، وأقبل الفرس على الناس يرمونهم حتى أفشوا فيه الجراحات ، والمسلمون يطلبون من النعمان الإذن بالقتال ، وبقي النعمان يطلب منهم الصبر .

فلما جاء الزوال وتفيأت الأفياء وهبت الرياح أمر بالقتال ، كل ذلك إحياء لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختار هذا الوقت للقتال ، وعندئذ ركب فرسه وبدأ يحرض المسلمين على القتال ، ثم قال : فإن قتلت فلأمير بعدي حذيفة ، وإن قتل فلان .. وعد سبعة .

وكبر النعمان التكبيرة الأولى ثم الثانية ، ثم قال : اللهم اعزز دينك وانصر عبادك ، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك ، اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عزالإسلام ، أمنوا رحمكم الله . فبكى الناس .

وكبر النعمان التكبيرة الثالثة ، وبدأ القتال ، وأثناء تقدم القائد بدأ الفرس يتركون الساحة وزلق بالقائد فرسه من كثرة الدماء في أرض المعركة ، فصرع بين سنابك الخيل ، وجاءه سهم في جنبه ، فرآه أخوه نعيم فسجاه بثوب ، وأخذ الراية قبل أن تقع وناولها حذيفة بن اليمان فأخذها ، وقال المغيرة : اكتموا مصاب أميركم حتى ننتظر ما يصنع الله فينا وفيهم ؛ لئلا يهن الناس .

ولما زلق فرس النعمان به لمحه معقل بن يسار فجاءه بقليل من الماء ، فغسل عن وجهه التراب ، فقال النعمان : من أنت ؟ قال : أنا معقل بن يسار ، قال : ما فعل الناس ؟ قال : فتح الله عليهم ، قال : الحمد لله ، اكتبوا بذلك إلى عمر ، وفاضت روحه .

ولما أظلم الليل انهزم الفرس وهربوا دون قصد فوقعوا في واد ، فكان واحدهم يقع فيقع معه ستة ، فمات في هذه المعركة مائة ألف أو يزيد ، قتل في الوادي فقط ثمانون ألفاً ، وقتل ذو الحاجب ، وهرب الفيرزان ، وعلم بهربه القعقاع فتبعه هو ونعيم بن مقرن فأدركاه في واد ضيق فيه قافلة كبيرة من بغال وحمير محملة عسلاً ذاهبة إلى كسرى ، فلم يجد طريقاً فنزل عن دابته وصعد في الجبل ليختفي ، فتبعه القعقاع راجلاً فقتله .

وحزن المسلمون على موت أميرهم وبايعوا بعد المعركة أميرهم الجديد حذيفة ، ودخلوا نهاوند عام 21هـ بعد أن فتحوها






القصة 114

معركة ذات الصواري



لما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام ألح على عمر الفاروق في غزو البحر ، وكتب له معاوية : ( إن قرية من قرى حمص ليسمعُ بنباح كلابهم ، وصياح دجاجاتهم ) . فاحتار عمر وكتب إلى عمرو بن العاص واليه على مصر : ( صف لي البحر وراكبه ؛ فإن نفسي تنازعني عليه ) . فكتب عمرو : ( إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلقٌ صغير ، ليس إلا السماء والماء ، إن ركد خرق القلوب ، وإن تحرك أزاغ العقول ، يزداد فيه اليقين – بالنجاة – قلة ، والشك كثرة ، هم فيه كدود على عود ، إن مال غرق ، وإن نجا برق ) .

قرأ عمر الكتاب ثم كتب إلى معاوية : ( والذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً ، وبالله لمسلمٌ واحدُ أحب إلي مما حوت الروم ) .

ولما ولي عثمان الخلافة كتب إليه معاوية يستأذنه في غزو البحر، وذلك بعد أن بدأ معاوية باستكمال الاستعدادت ، فوافق عثمان على طلبه ، وكتب إليه : ( لا تنتخب الناس ، ولا تقرع بينهم ، خيرهم ، فمن اختار الغزو طائعاً فاحمله وأعنه ) .

فبنى معاوية أسطولاً إسلامياً ، واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الجاسي فاستطاع فتح قبرص .

وولى عثمان عبد الله بن سعد بن أبي السرح ولاية مصر فبدأ بغزو جنوب ليبيا ، ثم غزا بلاد النوبة ، بالإضافة إلى أن معاوية سيطر على الشواطىء في بلاد الشام وآسيا الصغرى ، فلما رأى الروم خسائرهم المتوالية في البر جمع قسطنطين بن هرقل أسطولاً رومياً به ألف سفينة لضرب المسلمين ، فأرسل معاوية - بعد إذن عثمان - مراكب الشام بقيادة بُسر بن أرطاة ، واجتمع مع بن أبي سرح في مراكب مصر ، ومجموعها مائتا سفينة فقط ، وكانت المعركة التي يترجح أنها وقعت على شواطىء الاسكندرية ، سنة 32 للهجرة .

والتقى الجيشان في عرض البحر ، وطلب المسلمون من الروم : إن أحببتم ننزل إلى الساحل فنقتتل ، حتى يكتب لأحدنا النصر ، وإن شئتم فالبحر ، فأبى الروم إلا الماء ، وبات الفريقان تلك الليلة في عرض البحر ، وقام المسلمون الليل يصلون ويدعون ويذكرون ، وبات الروم يضربون النواقيس .

ولما صلى المسلمون الفجر أمر عبد الله جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم فاقتربوا حتى لامسوها ، ونزل الفدائيون إلى الماء وربطوا السفن العربية بسفن الروم بحبال متينة ، وبدأ الروم القتال ، وصار قاسياً ، وسالت الدماء حتى احمرت صفحة المياه ، وترامت الجثث في الماء ، وضربت الأمواج السفن حتى ألجأتها إلى الساحل ، وقتل من المسلمين الكثير ، وقتل من الروم ما لا يحصى ، وصمد المسلمون ، فكتب الله لهم النصر بما صبروا ، واندحر الروم ، وكاد قسطنطين أن يقع أسيراً في أيدي المسلمين ، لكنه فر مدبراً والجراحات في جسمه حتى وصل جزيرة صقلية ، فسأله أهلها عن أمره ، فأخبرهم فقتلوه حنقاً عليه.

والصواري جمع صار ، وهي الخشبة المعترضة وسط السفينة ، وسميت المعركة كذلك لكثرة صواري المراكب واجتماعتها ، أو لكثرة ساريات السفن التي التحمت في القتال في ذلك اليوم (1200 سفينة عربية ورومية








--------------------------------------------------------------------------------

القصة 115

معركة حطين

يعتقد بعض الناس أن معركة حطين نهاية الفرنج في المنطقة ، والحقيقة أنها بداية النهاية ، إذ استمرت الحروب بعدها قرابة القرن انتهت أخيراً باقتلاع الممالك الإفرنجية من ساحل الشام وفلسطين ، فحطين لم تحطم ممالك الفرنج ولم تقض عليها نهائياً ، بل أسست بداية جديدة لموازين القوى ، وأكدت أن قوة الفرنج يمكن أن تقهر ، فقد كانت معركة فاصلة بين حدين ، أي أنها ختمت مرحلة التراجع والهزائم وأسست مرحلة الانتصارات والتقدم .


لقد بدأ صلاح الدين بداية حكمه مصر عام 564 هـ ، وأول مواجهة جدية كانت له مع الصليبيين هي حطين وذلك عام 583هـ ، وبين هذين التاريخين مناوشات محدودة مع الصليبيين ، فصلاح الدين لم يستل سيفه منذ اليوم الأول وبدأ هجومه المعاكس على الممالك الإفرنجية بل أخذ وقته في الإعداد والتنظيم والدراسة والمراقبة وتفحص مواقع القوة والضعف .

بدأ فيها تثبيت الأوضاع في مصر ، وأسقط فيها الدولة الفاطمية فيها ، وأقام الخطبة والحكم للخلافة العباسية ، فلما توفي نور الدين سنة 568هـ بدأ صلاح الدين ببلاد الشام ليضمها تحت إمرته ففتح دمشق وحمص وحلب وحماة وحلب وغيرها ، وفتح اليمن ، وأمن الطريق للحجاج إلى مكة والمدينة ، وأسقط المكوس ، ونشر العدل ، وأعد الجيوش ، حتى كانت المعركة الفاصلة في حطين ، فماذا جرى في حطين ؟

قال ابن كثير : ( برز السلطان من دمشق يوم السبت مستهل محرم في جيشه ، فسار إلى رأس الماء فنزل ولده الأفضل هناك في طائفة من الجيش ، وتقدم السلطان ببقية الجيش إلى بصرى فخيم على قصر أبي سلام ، ينتظر قدوم الحجاج ليسلموا من معرة برنس الكرك ، فلما جاز الحجيج سالمين سار السلطان فنزل على الكرك وقطع ما حوله من الأشجار ، ورعى الزرع وأكلوا الثمار ، وجاءت العساكر المصرية وتوافت الجيوش المشرقية ، فنزلوا عند السلطان على رأس الماء ، وبعث الأفضل سرية نحو بلاد الفرنج فقتلت وغنمت وسلمت ورجعت ، فبشر بمقدمات الفتح والنصر .

وجاء السلطان بجحافله فالتفت عليه جميع العساكر ، فرتب الجيوش وسار قاصداً بلاد الساحل ، وكان جملة من معه من المقاتلة اثني عشر ألفاً غير المتطوعة ، فتسامعت الفرنج بقدومه فاجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم ، وصالح قومس طرابلس وبرنس الكرك الفاجر ، وجاءوا بحدهم وحديدهم ، واستصحبوا معهم صليب الصلبوت يحمله منهم عباد الطاغوت وضلال الناسوت ، في خلق لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، يقال :كانوا خمسين ألفاً ، وقيل : ثلاثاً وستين ألفاً ، وقد خوفهم صاحب طرابلس من المسلمين فاعترض عليه البرنس صاحب الكرك ، فقال له : لا أشك أنك تحب المسلمين وتخوفنا كثرتهم ، وسترى غب ما أقول لك ، فتقدموا نحو المسلمين .

وأقبل السلطان ففتح طبرية و تقوى بما فيها من الأطعمة والأمتعة وغير ذلك ، وتحصنت منه القلعة فلم يعبأ بها ، وحاز البحيرة في حوزته ومنع الله الكفرة أن يصلوا منها إلى قطرة ، حتى صاروا في عطش عظيم ، فبرز السلطان إلى سطح الجبل الغربي من طبرية عند قرية يقال لها حطين ، التي يقال إن فيها قبر شعيب عليه الصلاة والسلام ، وجاء العدو المخذول ، وكان فيهم صاحب عكا وكفر نكا وصاحب الناصرة وصاحب صور وغير ذلك من جميع ملوكهم ، فتواجه الفريقان وتقابل الجيشان ، وأسفر وجه الإيمان واغبر وأقتم وأظلم وجه الكفر والطغيان ، ودائرة دائرة السوء على عبدة الصلبان ، وذلك عشية يوم الجمعة ، فبات الناس على مصافهم .

وأصبح صباح يوم السبت الذي كان يوماً عسيراً على أهل الأحد وذلك لخمس بقين من ربيع الآخر ، فطلعت الشمس على وجوه الفرنج واشتد الحر وقوي بهم العطش ، وكان تحت أقدام خيولهم حشيش قد صار هشيماً ، وكان ذلك عليهم مشؤوماً ، فأمر السلطان النفاطة أن يرموه بالنفط ، فرموه فتأجج ناراً تحت سنابك خيولهم ، فاجتمع عليهم حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح وحر رشق النبال ، وتبارز الشجعان ، ثم أمر السلطان بالتكبير والحمل الصادقة فحملوا وكان النصر من الله عز وجل ، فمنحهم الله أكتافهم فقتل منهم ثلاثون ألفاً في ذلك اليوم ، وأسر ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم ، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس فإنه انهزم في أول المعركة ، واستلبهم السلطان صليبهم الأعظم ، وهو الذي يزعمون أنه صلب عليه المصلوب ، وقد غلفوه بالذهب واللآلئ والجواهر النفيسة ، ولم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله ، ودمغ الباطل وأهله ، حتى ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم يقود نيفاً وثلاثين أسيراً من الفرنج ، وقد ربطهم بطنب خيمة ، وباع بعضهم أسيراً بنعل ليلبسها في رجله ، وجرت أمور لم يسمع بمثلها إلا في زمن الصحابة والتابعين ، فلله الحمد دائماً كثيراً طيباً مباركاً ).

هذا وقد كان البرنس أرناط البيزنطي صاحب الكرك كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله ، وذلك أنه كان عبر به قافلة راجعة من الديار المصرية في حالة الصلح بينه وبين المسلمين ، فنزلوا عنده بالأمان فغدر بهم وقتلهم ، فناشدوه الله والصلح الذي بينه وبين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال : قولوا لمحمدكم يخلصكم ، وبلغ السلطان فحمله الدين والحمية على أنه نذر إن ظفر به قتله .

قال ابن كثير : ( فلما تمت هذه الوقعة ووضعت الحرب أوزارها أمر السلطان بضرب مخيم عظيم ، وجلس فيه على سرير المملكة وعن يمينه أسرة وعن يساره مثلها ، وجيء بالأسارى تتهادى بقيودها ، فأمر بضرب أعناق جماعة من مقدمي الداوية – الداوية :فرقة دينية عسكرية شديدة البأس – صبراً ، ولم يترك أحداً منهم ممن كان يذكر الناس عنه شراً .

ثم جيء بملوكهم فأجلسوا عن يمينه ويساره على مراتبهم ، فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه ، وأجلس أرناط برنس الكرك وبقيتهم عن شماله ، ثم جيء إلى السلطان بشراب من الجلاب مثلوجاً ، فشرب ثم ناول الملك فشرب ، ثم ناول أرناط صاحب الكرك فغضب السلطان وقال له : إنما ناولتك ولم آذن لك أن تسقيه ، هذا لا عهد له عندي ، ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل تلك الخيمة واستدعى بأرناط صاحب الكرك ، فلما أوقف بين يديه قام إليه بالسيف ودعاه إلى الإسلام فامتنع ، فقال له : نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته ، ثم قتله وأرسل برأسه إلى الملوك وهم في الخيمة ، وقال : إن هذا تعرض لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قتل السلطان جميع من كان من الأسارى من الداوية والاسبتارية – الاسبتارية كالداوية :فرقة دينية عسكرية شديدة البأس – صبراً وأراح المسلمين من هذين الجنسين الخبيثين .

ولم يسلم ممن عرض عليه الإسلام إلا القليل ، فيقال إنه بلغت القتلى ثلاثين ألفاً ، والأسارى كذلك كانوا ثلاثين ألفاً ، وكان جملة جيشهم ثلاثة وستين ألفاً ، وكان من سلم مع قلتهم وهرب أكثرهم جرحى فماتوا ببلادهم ، وممن مات كذلك قومس طرابلس ، فإنه انهزم جريحاً فمات بها بعد مرجعه ، ثم أرسل السلطان برؤوس أعيان الفرنج ومن لم يقتل من رؤوسهم ، وبصليب الصلبوت إلى دمشق ليودعوا في قلعتها ، فدخل بالصليب منكوساً وكان يوماً مشهوداً .

ثم سار السلطان إلى قلعة طبريا فأخذها ، ثم سار السلطان إلى حطين فزار قبر شعيب ، ثم ارتفع منه إلى إقليم الأردن ، فقسم تلك البلاد كلها ، ثم سار إلى عكا ، فنزل عليها يوم الأربعاء سلخ ربيع الآخر ، فافتتحها صلحاً يوم الجمعة ، وأخذ ما كان بها من حواصل الملوك وأموالهم وذخائرهم ومتاجر وغيرها ، واستنقذ من كان بها من أسرى المسلمين ، فوجد فيها أربعة آلاف أسير ، وأمر بإقامة الجمعة بها ، وكانت أول جمعة أقيمت بالساحل بعد أخذه الفرنج نحواً من سبعين سنة ، ثم سار منها إلى صيدا وبيروت وتلك النواحي من السواحل يأخذها بلداً بلداً ، لخلوها من المقاتلة والملوك ، ثم رجع سائراً نحو غزة وعسقلان ونابلس وبيسان وأراضي الغور، فملك ذلك كله ، وكان من جملة ما افتتحه السلطان في هذه المدة القريبة خمسين بلداً كباراً كل بلد له مقاتلة وقلعة ومنعة ، وغنم الجيش والمسلمون من هذه الأماكن شيئاً كثيراً ، وسبوا خلقاً .

وذكر محمد بن القادسي أنه ورد كتاب إلى بغداد في وصف هذه الوقعة فيه : ( .. واستغنى عسكر الإسلام من الأسرى والأموال والغنائم بحيث لا يقدر أحد يصف ذلك ، وما سلم من عسكر الفرنج سوى قمّص طرابلس مع أربعة نفر ، وهو مجروح ثلاث جراحات – مات بعدها بقليل – وأخذ جميع أمراء الفرنج ، وكم قد سبي من النساء والأطفال ، يباع الرجل وزوجته وأولاده ثلاث بين وابنتان بثمانين ديناراً .. وأخذ من البقر والغنم والخيل والبغال مالم يجيء من يشتريها من كثرة السبي والغنائم ) .





القصة 116

معركة بلاط الشهداء

تولى عبد الرحمن بن عبدالله الغافقي إمرة الأندلس زمن الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك سنة 112هـ ، فطاف الأقاليم ينظر في المظالم ، ويقتص للضعفاء ، ويعزل الـولاة الذين حادوا عن جادة الطريق ، ويستبدل بهم ولاة معروفين بالزهد والعدل ، ويتأهـب للجهاد ، ودعا المسلمين من اليمن والشام ومصر وإفريقية لمناصرته فجاؤوا وازدحمت بهم قرطبة .
وجمع الغافقي المجاهدين في مدينة بنبلونة ، وخرج باحتفال مهيب ليعبر جبال البرانس شمال أسبانيا ، واتجه شرقاً جنوب فرنسا فأخضع مدينة أرل ، ثم اتجه إلى دوقية أقطانيا فانتصـر عـلى الدوق أودو انتصـاراً حاسماً ، وتقهقر الدوق ، واستنجـد بشارل مارتل ، حاجـب قصـر الميروفنجيين حكام الفرنجة وصاحب الأمر والنهي في دولة الفرنجة ، وكان يسمى المطرقة ، فلبى النداء ، وكان قبلها لا يحفل بتحركات المسلمين جنوب فرنسا بسبب الخلاف الذي بينه وبين دوق أقطـانيا الذي كان سببه طـمع شارل بالدوقية ، وبذلك توحـدت قوى النصرانية في فرنسا .

واجتمع الفرنجة إلى شارل مارتل وقالوا له : ماهذا الخزي الباقي في الأعقاب ،كنا نسمع بالعرب ونخافهم من مطلع الشمس حتى أتوا من مغربها ، واستولوا على بـلاد الأندلـس وعـظيم ما فيها من العدة والعـدد ، بجمعهم القليل وقلة عدتهم وكونهـم لا دروع لهم ، فأجابهم : الرأي عندي ألا تعترضوهم في خرجتهم هذه فإنهم كالسيل يحمل ما يصادفه ، وهم في إقبال أمرهم ، ولهم نيات تغني عن حصـانة الدروع ، ولكن أمهلوهم حتى تمتلئ أيديهم من الغنائم ، ويتخذوا المساكن ، ويتنافسوا في الرئاسة ، ويستعين بعضهم على بعض فحينئذ تتمكنون منهم بأيسر أمر .

وأنهى شارل حروبه مع السكسون والبافاريين ، وتنبه لفتوح المسلمين ، وأما الغافقي فقد مضى في طريقه متتبعاً مجرى نهر الجارون ففتح بردال ، واندفع شمالاً ووصل إلى مدينة بواتييه .

وكانت المعركة في مدينة بواتييه جنوب فرنسـا ، على مسافة عشرين كيلومتراً منها ، وتسمى المعركة : البلاط ، بلاط الشهداء ، تور ، بواتييه . والمقصود بالبلاط القصر أو الحصن ، ولعل مكان الموقعة كان بجوار قصر أو حصن كبير .

موازين القوى :

1- عدد الجيش الفرنجيّ أكبر من جيش المسلمين ، فهم سيل من الجند المتدفق ، ولم يكن الجيش المسلم يزيد عن سبعين ألفاً ، وقد يصل إلى مائة ألف .

2- موقف الفرنجة الاستراتيجي أفضل وأجود ؛ لمعرفتهم بالموقع ، والقدرة على القتال في جو شات مطير وأرض موحلة .

3- الفرنجة مددهم البشري والتمويني قريب ، بينما المسلمون على بعد يجاوز ألف كيلومتر عن عاصمة الأندلس .

4- الغنائم التي حملها الجيش الإسلامي مما غنموه في المعارك السابقة ، فقد كانت سبباً مهماً في الخسارة كما سيأتي ، ولو أنهم تركوها في برشلونة مثلاً لاطمأنت نفوسهم وخلت أيديهم للعمل المقبل ، ولكنهم حرصوا عليها وانقلبت عليهم ثقلاً يرهقهم ويضعف حركتهم .


والتقى الجمعان في أواخر شعبان سنة 114هـ ، ورابط كل منهما أمام الآخر ثمانية أيام ، وكان المسلمون هم الذين بدأوا القتال ، ولم يشتبك الجيشان في المعركة إلا بعد بضعة أيام ظلا خلالها يتناوشان في اشتباكات محلية ، ثم اشتبكا بعد ذلك في قتال عنيف ، واجتهد الفرنجة ومن معهم من الألمان والسويف والسكسون في اختراق خطوط المسلمين يومين متتاليين دون نتيجة ، وقد بذلوا أقصى ما استطاعوا من جهد وهجم مشاتهم وفرسانهم على المسلمين هجوماً عنيفاً بالحراب ، ولكن المسلمين ثبتوا ، بل بدا قرب مساء اليوم الثاني أن المسلمين أخذوا يتفوقون على عدوهم ، ثم حدث بعد ذلك أن اندفعت فرقـة من فرسـان الفرنجة فاخترقت صفوف المسلمين في موضع ، وأفضت إلى خلف الصفوف حيث كان المسلمون قد أودعوا غنائمهم ، وكانت شيئاً عظيماً جداً ، فريع الجند الإسلامي ، وخشي الكثيـرون من أفراده أن يستولي عليها هؤلاء الفرنجة ، فالتفت بعضهم وعادوا إلى الخلف ليبعدوا عنها الأعـداء ، وهنا اضطربت صفوف المسلمين واتسعت الثغرة التي نفـذ منها الفرنجة ، فاندفعوا فيها في عنف وقوة زلزلت نظام القوات الإسلامية ، وحاول عبد الرحمن الغافقي أن يثبت جنوده ويعيد نظامه أو يصرفه عن الهلع على الغنائم فلم يوفق ، وأصابه سهم أودى بحياته ، وصبر المسلمون حتى أقبل الليل فانتهـزوا فرصة الظـلام وتسللوا متراجعين إلى الجنوب على عجل ، وكل ذلك أوائل شهر رمضان سنة 114هـ .

وحينما أسفر الصبح نهض الفرنجة فلم يجدوا من المسلمين أحداً ، فتقدموا على حذر من مضارب المسلمين فإذا هي خالية منهم ، وقد فاضـت بالغنائم والأسلاب والخيرات ، فظنوا أن في الأمر خدعة ، وتريثـوا قبل أن يجتاحوا المعسكر وينتهبوا مافيه ، ولم يفكر أحد منهم في تتبع المسلمين ؛ إما لأنهم خافوا أن يكون المسلمون قد نصبوا لهم بهذا الانسحاب شركاً ، أو لأن شارل مارتل تبين مانزل بالمسلمين فرأى أنه يستطيع العودة إلى الشمال مطمئناً إلى أنهم انصرفوا عنه وعن بلاده ، واندفع المسلمون في تراجعهم نحو الجنوب مسرعين ، واتجهت جموعهم نحو أربونة ، وحينما أحسوا أن أحداً من النصارى لا يتتبعهم تمهلوا في سيرهم ليستجمعوا صفوفهم من جديد .

وهكذا انتهت المعركة ، ولو انتصر فيها المسلمون لتخلصت أوروبا من ظلماتها وجهالتها واستبدادها وحطمت الاستغلال والاضطهاد ، ولذا قال جيبون : لو انتصر العرب في تور _ بواتييه لتلي القرآن وفسر في اكسفور وكمبردج .

وما إن وصل الخبر إلى الخليفة الأموي حتى أمر والي إفريقية بإرسال مدد بقيادة عبد الملك بن قطن الفهري ، وأمره الخليفة بغزو فرنسا ، وتوجه عبد الملك إلى نواحي شمال الأندلس وحصن المعاقل التي بأيدي المسلمين ، وبقي أهالي جنوب فرنسا يكرهون الفرنجة رغم انتصارهم على المسلمين ، وتحالفَ بعض أمراء جنوب فرنسا مع المسلمين ضد الفرنجة ؛ وذلك كرهاً للهمجية البربرية في شارل وجيشه ، ولكن بلاط الشهداء كانت آخر محاولة جدية قام بها المسلمون لغزو بلاد الفرنجة .

ولو انتصر المسلمون في هذه المعركة لدخلوا أوروبا فاتحين منظمين ، يريدون إدخالها في رحاب دولتهم وتحويلها إلى الإسلام ، ولو استقر لهم الأمر في فرنسا لاتجه نظرهم إلى ما وراءها ، ومن هنا كانت أهمية بلاط الشهداء في تاريخ النصرانية فقد حالت بينهـا وبيـن الزوال






--------------------------------------------------------------------------------

القصة 117

معركه اليرموك

بعد الانتهاء من حروب الردة وتسيير خالد من اليمامة إلى العراق في سنة 13هـ جهز الصديق الجيوش إلى الشام ، فبعث عمرو بن العاص إلى فلسطين ، وسير يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ، رضي الله عنهم أجمعين ، آمراً إياهم أن يسلكوا تبوك على البلقاء ، وكان عدد كل لواء من هذه الألوية الأربعة ثلاثة آلاف ، ثم توالت النجدات فيما بعد .


وصل الأمراء إلى الشام ، فنزل أبو عبيدة الجابية على طريق دمشق ، ونزل يزيد البلقاء مهدداً بصرى ، ونزل شرحبيل الأردن بأعلى الغور فوق طبرية ونهر الأردن ، وقيل نزل في بصرى ، أما عمرو فقد وصل إلى وادي عربة .

عين الصديق لكل منهم الولاية التي يتولاها بعد الفتح ، فجعل لعمرو فلسطين ، وليزيد دمشق ، ولأبي عبيدة حمص ، ولشرحبيل الأردن .

سار الأمراء إلى أهدافهم ، وعكرمة ردء للناس ، فبلغ الروم ذلك فكتبوا إلى هرقل، فجاء من حمص ، وأعد الجند ، وجمع العساكر ، وأراد أن يشغل قواد المسلمين بعضهم عن بعض لكثرة جنوده ، أراد أن يحاربهم متفرقين ، لكن عمراً تنبه للأمر ، خاصة بعد أن أرسل هرقل تذارق في تسعين ألفاً ، وبعث جرجة نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكر بإزائه ، وبعث الدراقص فاستقبل شرحبيل بن حسنة ، وبعث الفيقار في ستين ألفاً نحو أبي عبيدة ، فهابهم المسلمون وخاصة أن جميع ألويتهم تعد واحداً وعشرين ألفاً ، باستثناء عكرمة فهو في ستة آلاف أيضاً ، فالمجموع سبعة وعشرين ألفاً ، فسأل الجميع بكتب مستعجلة عمراً : ما الرأي ؟ فراسلهم أن الرأي الاجتماع ، كما كتب الأمراء إلى أبي بكر بمثل ما كاتبوا به عمراً فكتب إليهم : أن اجتمعوا فتكونوا عسكراً واحداً .


بلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم ، وانزلوا بالروم منزلاً فسيحاً فيه ماء ، ويكون ضيّق المهرب لجنوده ، وجعل على الناس التذارق ، وعلى المقدمة جرجة، وعلى مجنبتيه باهان والدراقص ، وعلى الحرب الفيقار ، ففعلوا فنزلوا الواقوصة - وهي على ضفة اليرموك - ، وصار الوادي خندقاً لهم ، وانتقل المسلمون من عسكرهم الذي اجتمعوا فيه فنزلوا عليهم بحذائهم على طريقهم ، فقال عمرو : أيها الناس أبشروا ، حصرت الروم وقلما جاء محصور بخير ، إذ أن الروم تتحرك في منبطح فسيح من الأرض تحيط به من ثلاث جهات الجبال المرتفعة ، فهم محصورون .

وبقي المسلمون أمامهم صفر من سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع لا يقدرون من الروم على شيء ، ولا يخلصون إليهم ، الواقوصة من ورائهم ، والخندق من أمامهم ، ولا يخرجون خرجة إلا نصر المسلمون عليهم ، حتى إذا انقضى ربيع الأول كتب أبو بكر الصديق إلى خالد ليلحق بهم من العراق ، وقد قال في ذلك : خالد لها ، والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد .

وقطع خالد المسافة بجيشه في خمسة أيام ، وفرح المسلمون بخالد ، واشتد غضب الروم بمجيئه ، وقال هرقل لقواده : أرى من الرأي أن لا تقاتلوا هؤلاء القوم ، وأن تصالحوهم ، فوالله لأن تعطوهم نصف ما أخرجته الشام ، وتأخذوا نصفه ، وتقر لكم جبال الروم ، خير لكم من أن يغلبوكم على الشام ، ويشاركوكم في جبال الروم ، ولكنهم أبوا .

واتخذ الطرفان استعداداتهما ، الروم في أربعين ومائتي ألف ، منهم ثمانون ألفاً مقيدين بالسلاسل كي لا يفروا من المعركة ، والمسلمون سبعة وعشرون ألفاً ممن كان مقيماً ، إلى أن قدم إليهم خالد في تسعة آلاف فبلغوا ستة وثلاثين ألفاً ، ومرض الصديق في هذه الأثناء وتوفي للنصف من جمادى الآخرة قبل الفتح بعشر ليال .

وعرض خالد على الأمراء أن يكونوا جيشاً واحداً ويتداولوا الإمارة يوماً بعد يوم ، فوافقوا وأمّروه هو أولاً ، وعلم خالد أن القتال كل بفرقته سيطول ، وفيه إضعاف للجهود فعبأ الجيش وقسمه إلى أربعين كردوساً [ أي: كتائب كبيرة ] كل كردوس ينقسم إلى: قلب وميمنة وميسرة ، وجعل القاضي أبا الدرداء ، والقاص أبا سفيان ، وعلى الغنائم ابن مسعود ، وقارئ سورة الأنفال المقداد بن عمرو ، وشهد المعركة ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأمر خالد الكراديس كلها أن تنشب القتال ، وحينئذ وصل البريد إلى خالد بوفاة أبي بكر الصديق وتأمير أبي عبيدة فأخذ الكتاب وجعله في كنانته وخاف إن أظهر الأمر أن يضعف معنويات الجند .

ونشب القتال بجد في اليوم الأول ، وزحف الروم بأعدادهم الكثيرة فردهم المسلمون ، وفي هذا اليوم كثرت الجراح من كثرة السهام ، واعورّ من المسلمين سبعمائة فارس ، فسمي ذلك اليوم يوم التعوير ، وفي اليوم الثاني وقف عكرمة وقال: من يبايع على الموت ؟ فبايعه أربعمائة من الرجال ، فقاتلوا حتى أصيبوا جميعاً بجراحات ، ودامت المعركة يوماً وبعض اليوم ، وكان الهجوم الأخير عاماً على الروم ، واقتحم خالد وجيشه خندق الروم فتساقطوا في الوادي ، وتهافت منهم في الوادي ثمانون ألفاً .

وانتهت المعركة باستشهاد ثلاثة الآف من المسلمين ، وقتل من الروم مائة وعشرون ألفاً ، وارتحل هرقل من حمص مودعاً سورية وداعه الأخير ، وقال : سلام عليك ياسورية ، سلاماً لا لقاء بعده .

وبعد المعركة أعلن خالد مضمون الكتاب ، واعتزل الإمارة ، وولاها مكانه أبا عبيدة رضي الله عن الجميع .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tebessa.forumpalestine.com
 
قصص الغزواة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى تبسة الجديد :: قسم قصص-
انتقل الى: